أَعْلَنْتُ الرَّحِيلْ ..
وَيَّا قَلَمِيْ ودَفَاتِرِيْ تَحْتَ وَهْجِ غُرُوبِ شَمْسِ الأَصِيلْ ..
وَيَّا أُقْصُوصَاتِ شِعْرٍ أَجُوبُ الطُّرُقَاتِ وَيَّا نَثْرٍ هَزِيلْ ..
حَمِلْتُ حَقِيبَتِيْ ومِنْ خِزَانَةِ عِشْقِيْ أَخَذْتُ القَلِيلْ ..
ولَمـْ يَبْقَ فِيْ عَالَمِكِ سِوَىْ صَبَاحًا عَلِيلْ ..
إِنْ لَمَحْتِ طَيْفِيْ فِيْ مَقْهَىْ المَدِينَةِ فـَ اُذْكُرِيْ ذَاكَ الخَلِيلْ ..
أُذْكُرِيْ كَمَانًا وقِيثَارَةً وعُودًا جَمِيلْ ..
أُذْكُرِيْ أَلْحَانِيْ ومِنْ أَوْتَارِيْ مَوَاوِيلْ ..
أَحْبَبْتُكِ بـِ صَمْتٍ وقُلْتِ مَامِنْ دَلِيلْ ..؟!
أَحْبَبْتُكِ بـِ جُنُونٍ مَلَكِيٍّ وكَثُرَتْ الأَقَاوِيلْ ..!
أَنْتَ السَّائِلُ يَا قَارِئِيْ وأَنَا السَّئِيلْ ..
فـَ لـْ نَمْضِ سَوِيًّا فِيْ بَوْحِيْ لـِ نَعْرِفَ القَاتِلَ مِنَ القَتِيلْ ..
وَأَعْلَنْتُ التِّرْحَالْ ..
وتَرَكْتُ صَوْلَجِانِيْ وشَهْدَ مَلِكَتِيْ وبَعْضًا مِنَ المَالْ ..
هَجَرْتُ نَثْرِيْ ورِيشَتِيْ ووَمِيضًا مِنَ الآمَالْ ..
أَتَجَرَّعُ كُؤُوسًا مِنَ الحَنِينِ فِيْ غَابَةٍ مِنَ الأَدْغَالْ ..
أَحْيَا فِيْ كُوخٍ عَلَىْ سَفْحِ تَلَّةٍ مِنْ تِلاَلْ ..
ولاَ أَحْيَا فِيْ عَالَمـٍ مَلِيئٍ بـِ الأَنْذَالْ ..
لـِ أَهْجُرَ حَيَاةَ البَائِسِينَ والقِيلِ والقَالْ ..
ولـْ أَبْحَثَ عَنْ أُسْطُورَةٍ فِيْ أَعَالِيْ الجِبَالْ ..
تَنْتَزِعُ مِنْ صَدْرِيْ ذِكْرَىْ مَلِيئَةً هِيَ بـِ الأَهْوَالْ ..
كَبَّلَتْنِيْ بـِ قُيُودٍ وسَلاَسِلٍ لَيْسَتْ كَـ الأَغْلاَلْ ..
رَبَّاهُ إِنَيْ أَسْأَلُكَ جَاهِدًا فـَ أَنْتَ فَقَطْ مَنْ يُصْلِحُ الأَحْوَالْ ..
رَبَّاهُ إِنِّيْ لَسْتُ أَطْلُبُ غَالِيًا فَقَطْ هُدُوءًا فِيْ مُسْتَقَرِّيْ ورَاحَةَ بَالْ ..
رَبَّاهُ أَنْتَ شَاهِدٌ عَلَىْ حُزْنِيْ ودَمْعِيْ قَدْ فَاضَ يَنْهَمِرُ كـَ الشَّلاَّلْ ..
رَبَّاهُ أَعِنِّيْ عَلَىْ قَلْبِ حَالِيْ مِنْ حَالٍ ِإلَىْ حَالْ ..
وأَعْلَنْتُ عَلَىْ قَلْبِيْ حِصَارْ ..
فـَ فُؤَادِيْ مَلَّ التَّبْرِيرِ والأَعْذَارْ ..
ومَا عُدْتُ أَعْرِفُ ذَاتَ اليَمِينِ وذَاتَ اليَسَارْ ..؟!
سَقَطَتْ مُدُنُ نَثْرِيْ فِيْ يَدِ المَغُولِ والتَّتَارْ ..!
وهَوَتْ حُرُوفُ نَبْضِيْ فِيْ هَاوِيَةٍ أَشَدَّ إِنْحِدَارْ ..
فـَ أَعْلَنْتُ هَجْرِيْ لـِ الدَّارْ ..!
وأَنْقَذْتُ قَلَمِيْ مِنْ خَطِيئَةِ الإِنْتِحَارْ ..!
سَئِمْتُ السُّجُونَ ومُعْتَقَلاَتِ مُفْرَدَةِ الأَحْرَارْ ..
وكَرِهْتُ ذُلَّ الكِتَابَةِ وعَالَمـِ الأَشْعَارْ ..
فـَ يَغْنِينِيْ عَنْ قَصْرِيْ كُوخًا جُدْرَانُهُ مِنْ ضُلُوعِ الأَشْجَارْ ..
وقَبْرًا أَدْفِنُ بِهِ رِيشَتِيْ ودَفَاتِرِيْ وصُنْدُوقًا مِنَ الأَسْرَارْ ..
مَهْلاً يَا قَارِئَ حَرْفِيْ لاَ تُسَمِّهَا لَحْظَةَ اِنْكِسَارْ ..
فـَ إِنَّهَا تَذْكَرَتِيْ لـِ أَجُوبَ عَالَمـَ البِحَارْ ..
مِنْ طُفُولَتِيْ وأَنَا أَعْشَقُ دُنْيَا الأَسْفَارْ ..
عَزَمْتُ الرَّحِيلِ وعَزَمْتُ التِّرْحَالِ مَامِنْ فِرَارْ ..
ومِنْ جُنُونَ عِشْقِيْ سـَ أُقِرُّ هَذَا الإِقْرَارْ ..
أَحْبَبْتُ مُلْهِمَتِيْ سـَ أَخُطُّهَا بـِ ضِلْعٍ مِنْ جَسَدِيْ وأَعْلَنْتُ الإِبْحَارْ ..
أَسْكُبُ ضِلْعِيْ فِيْ مِحْبَرَةْ دَمِيْ بـِ الأَحْمَرِ لاَ يُضَاهِيهِ أَحْبَارْ ..!
وَأَعْلَنْتُ مِنْ قَبْلِ الرَّحِيلِ حَنِينِيْ ..!
فـَ بـِ اِسْمـِ لَعْنَةِ الحُبِّ لاَ تَلْعَنِينِيْ ..
وبـِ اِسْمـِ ذَبْحَةَ الفُؤَادِ لاَ تَذْبَحِينِيْ ..
وبـِ اِسْمـِ هِيَامِـِ الحَرْفِ تَحَمَّلِيْ جُنُونِيْ ..
كُلُّ العَاشَقَاتِ نَثْرًا وأَنْتِ وَحْدَكِ فِيْ مَعَاجِمِيْ شْعْرًا أَرْجُوكِ اِفْهَمِينِيْ ..
إِنِّيْ أَرْتَشِفُ نَبِيذَ عِشْقِكِ فـَ إِنْ خَرَجْتُ عَنِ نِطَاقِ سَكْرَتِيْ أُعْذُرِينِيْ ..
كُلُّ نِسَاءَ مُدُنِيْ يَعْرِفْنَ ضَعْفِيْ أَمَامـَ عَيْنَيْكِ فـَ بـِ اللهِ عَلَيْكِ لاَتُرْهِقِينِيْ ..
وفِيْ بُحُورِ غَرَامِكِ أَغْرِقِينِيْ ..
وفِيْ مُحِيطِ قَلْبِكِ أَذِيبِنِيْ ..
كُلُّ نِسَاءِ الكَونِ تَجَمَّعْنَ عِنْدَ قَصْرِيْ وأَبَدًا غَيْرَكِ لاَيَعْنِينِيْ ..
إِذَا مَا أَتَيْتُكِ بـِ دِنَانٍ مِنْ حَلِيبِ البَلاَبِلِ مَهْرًا لاَ تَرْفُضِينِيْ ..
وإِذَا مَا أَرْسَلْتُ لَكِ آلاَفَ رَسَائِلٍ مِنَ العِشْقِ فـَ لاَ تُحْرِقِيهَا ولاَ تُحْرِقِينِيْ ..
إِذَا مَا رَأَوْكِ مَعِيْ يَوْمًا فِيْ حَدِيقَتِكِ النَّثْرِيَّةْ فـَ لاَ تُنْكِرِينِيْ ..
وإِذَا مَاخَطَطْتُ عَلَىْ أُقْصُوصَةَ غَرَامـٍ أَنِّيْ مُغْرَمًا بِكِ يَوْمًا فـَ لاَ تَقْرَئِينِيْ ..
وإِنْ تَدَفَّقْتُ مَوْجَةَ بَحْرٍ عَلَىْ شَاطِئِ حُبُّكِ يَوْمًا فـَ لاَ تُوقِفِينِيْ ..
فـَ بَعْدَ كُلُّ ذَاكَ هَلْ سـَ تَجْعَلِينِيْ أَرْحَلُ بـِ صَمْتٍ أَمـْ سَـ تَقْمَعِينِيْ ..
أُحِبُّكِ بـِ صَمْتٍ هَلْ تَسْمَعِينِيْ ..؟!
فـَ إِنْ سَمِعْتِهَا لاَ تَنْهَرِينِيْ ..!
اِحْرِقِينِيْ وَيَّا نَثْرِيْ وصَوْلَجَانِيْ ولاَ تُسْعِفِينِيْ ..
تَكْفِينِيْ قُبْلَةً مِنْ شَفَتَيْكِ فـَ هَيَّا قَبِّلِينِيْ ..
وإِلَىْ أَسْوَارِ عِشْقِكِ إِقْذِفِينِيْ ..
لَمـْ أَقْصِدْ أَبَدًا أَنْ تُلْهِبِينِيْ ..
يَكْفِينِيْ رِضَاكِ عَنِّيْ فـَ هَيَّا أَطْفِئِيْ أَنِينِيْ ..
إِنِّيْ أَطْلُبُ اللُّجُوءَ العَاطِفِيِّ فـَ لاَ تَطْرُدِينِيْ ..
عُذْرًا حَبِيبَتِيْ هَلْ لَكِ أَنْ تُمْهِلِينِيْ ..
فـَ قَارِئِيْ يَسْتَرِقُ النَّظَرْ لَحَظَاتٌ واِنْتَظِرِينِيْ ..
يَا قَارِئِيْ لَقَدْ كُنْتُ فِيْ دَقَائِقِ الجُنُونِ الأَعْظَمـْ فـَ اُعْذُرْ حَنِينِيْ ..